المؤتمر الوطني للتوجيهي.!

مؤتمر وطني لامتحان الثانوية العامة "التوجيهي" تعتزم وزارة التربية والتعليم تنظيمه في السادس والعشرين من شهر كانون الاول الحالي, اي بعد اقل من اسبوعين, وهذا ما قد يحتاج الى اعادة نظر في التوقيت والحيثيات معا, من حيث التعامل مع قضية كبرى من هذا النوع, ينشغل فيها المجتمع باسره, وتهتم بها كل اسرة سواء كان ابناؤها في المراحل المدرسية المتأخرة اوهم في طريقهم اليها, نظرا لما لهذا الامتحان الذي يوصف بالمصيري من هالة بالغة المهابة اسبغناها عليه طوال عشرات السنين, دون ان نتوصل الى معادلة مستقرة ترسم الخطوط الرئيسية لابعاده واهدافه التربوية والتعليمية والوظيفية, دونما الحاجة الى بدايات جديدة بين فترة واخرى.!

يبدو ان التوقيت الذي تم تحديده لانعقاد المؤتمر بعد ايام معدودة, ربما لا يكون موفقا على النحو الذي يتناسب مع طبيعة مسألة معقدة لها جوانب متعددة, وتتطلب القاء اضواء كاشفة على مختلف جوانب العملية التربوية والتعليمية الاردنية برمتها, وهذا ما يحتاج الى اعداد تحضيري متمهل حتى لا تخرج النتائج متعجلة هي الاخرى, كما حدث في مؤتمرات سابقة من هذا النوع, بخاصة وان المؤتمر الوطني المستهدف سينعقد في ظروف اداء طلبة الثانوية العامة لامتحان الفصل الشتوي او ما يطلق عليه "شتوية التوجيهي" وفي ظل انشغال الكوادر الاكاديمية بامتحانات الفصل الاول للدراسة الجامعية.!

ما تسرب من معلومات عن مضامين هذا المؤتمر انه سيطرح معادلة مستحدثة للتعامل مع امتحان الثانوية العامة, تعتمد مشروعا مقترحا له يستهدف تنظيمه على مدار اربعة فصول دراسية, بدلا من فصلين كما هو الوضع حاليا, اي ان مواده سيتم توزيعها على سنتين دراسيتين في الصفين الحادي عشر والثاني عشر من السنوات المدرسية, في الوقت الذي تسود فيه اعتقادات ووجهات نظر بان هنالك سلبيات كثيرة لعقده حتى من فصلين في السنة الواحدة, وان من الافضل عودة امور الامتحانات الى سابق عهدها في ان يكون نهائيا لمرة واحدة لصالح الطلبة واولياء امورهم ولمخرجات العملية التعليمية التي تعاني من اشكالات واضحة لا يمكن نكرانها.!

ربما يكون الاهم في سياق مثل هذا المؤتمر هو ما يتردد عن تقديم دراسة تحليلية عن امتحان الثانوية العامة, ولا ندري اذا ما كانت نتائجها متسرعة وتم اعتمادها على عجل لضيق الوقت, ام انها تمت بمشاركة واسعة تأخذ في الاعتبار جميع المراحل التي تم تطبيقها على "التوجيهي" منذ عقود من الزمن وانتقلت به من واقع الى آخر, وهذا ما يستدعي التمهل في رصد الايجابيات والسلبيات ومدى انعكاس كل نمط جديد لاداء الامتحان على تطوير العملية التربوية والانتقال بها الى ما يتماشى مع روح العصر, واستيعاب التجارب الخارجية في هذا الشأن, وان كان لكل دوله معطياتها التي تختلف عن الاخرى.!

ومن المعروف ان امتحان الثانوية العامة لا يخص وزارة التربية والتعليم وحدها, اذ ان العيب قد لا يكون في الامتحان بحد ذاته وانما بطريقة ادارته واسلوب التعامل معه, لذا لا بد من مشاركة فاعلة لكل من وزارة التعليم العالي وكافة الجامعات الرسمية والخاصة التي تعاني من مستوى الطلبة المقبولين فيها للدراسة الجامعية, كما ان لديوان الخدمة المدنية ايضا دوره في تقييم المستويات المطلوبة للتعيين على اساسه, وكذلك الحال مع مختلف التيارات الاكاديمية المتخصصة والتربوية والاجتماعية, التي ترى ان تسارع الاجتهادات وتضاربها احيانا في التعامل مع التوجيهي, جعل منه كابوسا مرعبا على الطلبة وبيوتهم واولياء امورهم, في الوقت الذي يعتبر فيه مرحلة دراسية نفترض ان يتم اجتيازها بمرونة كافية وبلا اية توترات او تعقيدات.!0