من السابق لأوانه التنبؤ بطريقة عمل الحكومة الجديدة قبل الكشف عن أسماء الفريق الوزاري الذي يفترض أن يعلن عنه خلال الثماني والأربعين ساعة القادمة على أبعد تقدير، فالرئيس المكلف يسير وفق رؤى جلالة الملك بأن يأخذ وقتا كافيا ويدقق الاختيار في الأسماء قبل أن يعلن التشكيلة النهائية ويقدمها بين يدي جلالته .
لقد كتبت مقالا نشر في سرايا وبعض المواقع الإخبارية الالكترونية الأخرى بعد حل مجلس النواب الخامس عشر وكان تحت عنوان " رحيل المجلس... أول الغيث قطرة " أشرت فيه بشكل واضح أن حل المجلس ما هو إلا بداية لتغيير جذري وشامل سوف يطال مختلف مؤسسات الدولة المفصلية ، ومما جاء في المقال المذكور :- " لقد أعادت خطوة جلالة الملك الهيبة إلى مؤسسة البرلمان التي اهتزت في نظر الكثيرين، ونجحت في إعادة الأمل بقدوم مجلس أكثر تمثيلا واصدق تعبيرا عن آمال وطموحات المواطن الأردني ، واعتقد أن هذه الخطوة ما هي إلا مقدمة لمزيد من التغيير المطلوب في مؤسسات الدولة المفصلية على اختلاف عملها وأهميتها ، فالمرحلة القادمة تحتاج إلى جهد جماعي – تنفيذي وتشريعي - يتناغم مع رؤية جلالة الملك وتوجيهاته لبناء الأردن النموذج القائم على المؤسسية والشفافية وتميز الأداء الإداري والاقتصادي" انتهى الاقتباس ، ولقد بدأ التغيير بالفعل ، فبعد حل المجلس ، كان رحيل حكومة الذهبي الذي توقع لها الكثيرون أن تبقى لما بعد انتخاب مجلس النواب السادس عشر ، ثم جاء التغيير في السلطة القضائية ثم في مجلس الأعيان وسوف يتبعها تغيرات في مناصب الأمناء العاميين ، كل ذلك بهدف إيجاد نوع من التناغم بين مختلف السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية لمواجهة متطلبات المرحلة المقبلة التي توصف بأنها " الأكثر حرجا ودقة وأهمية " على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
لقد حملت توجيهات جلالة الملك إلى الرئيس المكلف مضامين هامة وعنوانين واضحة للمرحلة القادمة، وهذا يلقي عبئا إضافيا على الرئيس بطريقة اختيار الطاقم الوزاري، فالمفروض أن الاختيار سيكون قائما على معايير الكفاءة والاقتدار والخبرة ، وأن يتحمل كل وزير قادم تبعات خطة عمل وزارته من ألفها إلى يائها ضمن معايير ومؤشرات أداء واضحة ومرتبطة بجدول زمني للتنفيذ ، تبتعد عن اللون الرمادي الذي أحبه البعض لدرجة الإدمان ، فكان المهرب المأمون والممر ألآمن نجا من خلاله الكثيرون وأفلتوا من المساءلة .
نحن لا نطلب المستحيل من الحكومة القادمة ، ولا نتوقع حلولا سحرية بين ليلة وضحاها ، فالملفات المطلوب معالجتها شائكة ومعقدة ، لكنها ليست عصية على الحلحلة ،لذا ، فنحن لا نملك إلا التمني للحكومة الجديدة بكل التوفيق، ونتمنى أن يلمس المواطن خطوات عملية تخفف عليه أعباء الحياة من مختلف نواحيها، كما نتمنى أن نرى مكافحة حقيقة لفيروس " الفساد " الذي بات كالهواء " نحس به ولكن لا نراه "
[center]
المزاج